العالم

مخاطر آفة المخدرات تهدد الامن القومي الروسي ولا تقل خطورة عن أسلحة “الدمار الشامل”

موسكو – في ظل ما تتسبب فيه آفة المخدرات والادمان من مصرع آلاف الاشخاص سنويا في روسيا باعتبارها ابرز الاخطار التي تهدد الامن القومي الروسي والمجتمع المدني تحاول الجهات الامنية في البلاد جاهدة التصدي والحد من انتشارها وسط معركة هي الاشد ضراوة وصعوبة لما تشكله من أولوية للحفاظ على مجتمعها من الدمار.
واعربت إدارة الامن الفيدرالي الروسية في بيان عن اعتقادها بان مشكلة إنتشار المخدرات في روسيا هي “واحدة من المخاطر الاساسية التي تهدد الامن القومي الروسي”.
ونقل البيان عن مدير إدارة مكافحة تهريب المخدرات وتجارتها في إدارة الامن الفيدرالي سيرغي فومينكو قوله إن شمولية انتشار المخدرات تشكل تهديدا لجميع مجالات الامن القومي “ولا تقل خطرا عن استخدام اسلحة الدمار الجماعي لانها تهدد وجود الامة باستهدافها فئة الشباب”.
ونظرا لطبيعة هذا التهديد قررت السلطات الروسية في عام 2016 تشكيل هيئة مختصة بمكافحة المخدرات تحمل اسم (الادارة العامة للرقابة على المخدرات) والحقتها بوزارة الداخلية الروسية بهدف جعلها جزء من الهيئات السيادية وتوفير القدرات الامنية الضرورية لها.
ووفقا لاحصائيات نشرت في موسكو فقد بلغ عدد الاشخاص الذين يتعاطون المخدرات في روسيا ستة ملايين من بينهم مليون و800 الف مصابون بمرض الادمان تتراوح اعمار غالبيتهم ما بين 16 إلى 30 عاما فيما تم وضع 660 الفا منهم تحت رقابة هيئات المتابعة والعلاج ودور الرعاية الخاصة بالإدمان.
وكشف موقع (نوركا نت) المتخصص بقضايا الادمان على المخدرات عن زيادة باعداد الاشخاص الذين يتعاطون المخدرات بعدة اضعاف بعد تفشي وباء فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) في عام 2020 بسبب “التوتر والعزلة والعمل عن بعد وتقليص فرص العمل ومحاولة الحصول على عائدات سهلة عن طريق الترويج للمخدرات “.
ودلل الموقع على صحة هذه المعطيات بالاشارة إلى قيام السلطات الامنية بمصادرة 35600 كيلوغرام من المخدرات خلال عام 2020 فقط اي بزيادة قدرها ثلاثة أطنان عن سابقاتها.
وذكرت هيئة الإحصاء الروسية (روس ستات) ان عدد الاشخاص الذين لقوا مصرعهم لاسباب تتعلق بالمخدرات في عام 2020 ازداد بنسبة 60 بالمئة مقارنة مع العام الذي سبقه وبلغ 7316 شخصا مقارنة مع 4569 في عام 2019.
ومقارنة مع الولايات المتحدة الامريكية فقد ذكر مكتب منظمة الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير له بث عى موقعه الالكتروني أن تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) ادى إلى ازدياد معدلات تعاطي المخدرات في امريكا ووفاة اكثر من 81 الف شخص خلال عام واحد فقط.
ويميل الخبراء الروس إلى الربط بين تعاطي المخدرات وتناول الكحول وهي مشكلة يعاني المجتمع الروسي منها حيث يلاحظ الاقبال بافراط على تناول الكحول بين الشباب والكهول على حد السواء.
ويدلل هؤلاء الخبراء على ذلك بالاشارة إلى ان عدد الاشخاص الذين ماتوا بسبب الكحول بلغ العام الماضي 4ر50 الف اي بزيادة قدرها 3ر6 بالمئة عن العام ما قبل الماضي.
ولجا المشرعون الروس إلى تشديد العقوبة على تجارة المخدرات وتعاطيها الامر الذي ادى حسب راي السلطات الامنية الروسية إلى تراجع عدد المدمنين المسجلين رسميا بنحو 25 بالمئة.
وحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجهزة الامن على ضرورة تكثيف العمل في مجال التصدي لتجارة المخدرات لافتا إلى قيام اجهزة الامن برصدت وقوع 145 الف جريمة تتعلق بالمخدرات في عام 2020.
ويشكك مراقبون بان اعداد المدمنين المسجلين رسميا في روسيا لا تتناسب مع الواقع في إشارة إلى ظاهرة الادمان المبطن حيث يلجا شخص واحد من بين كل عشرة مدمنين إلى الهيئات المختصة للعلاج.
وتصطدم الاجراءات الصارمة التي تتخذها بعض الدول في علاج المدمنين على المخدرات باعتراضات من قبل خبراء منظمة الامم المتحدة الذين يعتقدون ان الاعتقالات والفحوصات الالزامية والحبس الاحتياطي تؤدي جميعها إلى انتهاك حقوق الانسان.
ويعالج الروس مشكلة الادمان على عدة مسارات تبدا باتخاذ اجراءات الوقاية منها ونشر المعلومات حول مخاطر المخدرات على اوسع نطاق والتوعية بفائدة الحياة الصحية وتقديم كافة اشكال التعاون والمساعدة إلى الاشخاص الذين تورطوا في تعاطي المخدرات واخيرا بلورة اساليب وطرق فعالة لتخليص المرضى من الادمان.
واخذت الدولة الروسية على عاتقها علاج المدمنين على المخدرات مجانا بحيث يتضمن العلاج الكشف الطبي وتقديم الاستشارات وتشخيص الحالة المرضية وتحديد سبل العلاج العملي وإعادة التاهيل الطبي والاجتماعي.
وتشترط الهيئات الطبية الروسية الرسمية الحصول على موافقة طوعية من قبل المريض المدمن ويمكن للمرضى الذين تزيد اعمارهم عن 16 عاما اعطاء مثل هذه الموافقة بانفسهم او موافقة الوالدين او الوصي اذا كان عمر المريض يقل عن 16 عاما.
وتتوفر في العاصمة موسكو وغيرها من المدن الروسية عشرات المراكز الطبية العلمية لإستقبال مرضى الادمان على المخدرات وتقديم العلاج لهم مجانا.
وخصص المجتمع الدولي تاريخ ال26 من يونيو سنويا يوما للاحتفال بمكافحة المخدرات.
وكان مكتب منظمة الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قد اعلن ان 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات وان 36 مليون منهم يعانون من امراض مختلفة نتيجة لذلك وان 494 الف شخص لقيوا مصرعهم بسبب افة المخدرات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى