لم تكن الكويت بمعزل عن العالم في تأثرها بتداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي اجتاح العالم إلا انها كانت يقظة منذ اللحظات الأولى للإعلان عن اكتشافه واتخذت العديد من التدابير للحد من انتشاره وأدارت الأزمة باقتدار أشادت بها منظمة الصحة العالمية.
فقد شهد عام 2020 تغيرات غير مسبوقة في مجال الأوبئة العالمية وهي تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بـ «الجائحة» وحثت الحكومات في جميع أنحاء العالم على أخذ الأمور على محمل الجد والتأهب للموجة الأولى بعدة إجراءات قاسية.
وبادرت الكويت باتخاذ الإجراءات الضرورية والتدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس وتداعياته وما أن تلقت أول إشعار من منظمة الصحة العالمية سارعت إلى دعوة (اللجنة الوطنية للطوارئ) إلى الانعقاد للنظر في سبل الاستجابة الممكنة.
وأوضح وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية د.عبدالله البدر أن الكويت كان لديها مخزون استراتيجي من الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية.
وأضاف البدر انه منذ رصد أول حالة في العالم تأهبت الكويت واستعدت لهذا الأمر، وكانت تتابع عن كثب تطور الأوضاع حول العالم، واستعدت بشكل كامل اثر قرارات مجلس الوزراء بتعزيز المخزون الاستراتيجي من العلاجات.
وتابع أن الكويت قامت في شهر مايو 2020 بمراسلة كبرى الشركات العالمية المنتجة للقاحات لحجز كميات منها، كما أجرت اتصالات مع المكاتب الصحية الكويتية الخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا للتنسيق مع الشركات المعنية بإنتاج اللقاحات في هذا الشأن.
وأوضح أن الكويت قامت أيضا بمراسلة اتحاد مستوردي الأدوية في الكويت وكذلك الاتحاد العالمي لأصحاب الشركات المنتجة ليكون لها السبق في شراء اللقاحات فور اعتمادها من الجهات الرقابية العالمية، لافتا إلى «انه تم طلب كميات اللقاحات طبقا لعدد السكان من مواطنين ومقيمين بما فيها الجرعات التنشيطية».
وقال ان الوزارة كانت تعقد اجتماعات دورية مع دول مجلس التعاون الخليجي والصين والولايات المتحدة وبريطانيا حول التجارب والخبرات في هذا المجال والتعرف على أنواع الأدوية التي يمكن استخدامها في البروتوكولات العلاجية.
وذكر ان الكويت مرت بذلك بتجربة فريدة من نوعها ونجحت بكل المقاييس في إدارتها، الأمر الذي يؤهلها الى ان تكون جاهزة ومستعدة لأي عارض أو وباء مستقبلا، مشيرا «إلى ان هناك لجنة طوارئ مشكلة واستراتيجية تم إعدادها للتعامل مع (كوفيد-19) إذا انتشر مرة أخرى».
من جهته، قال رئيس فريق «كوفيد-19» د.هاشم الهاشمي لـ «كونا» ان الكويت اتخذت عددا من التدابير لحماية الصحة العامة والحيلولة دون انتشار الأوبئة عبر إجلاء جميع الكويتيين العالقين في الخارج على 4 مراحل وشملت الخطة 185 رحلة قادمة من 58 جهة حول العالم ليبلغ عدد العائدين 31 ألفا خلال مراحل العودة.
وأضاف الهاشمي انه لتوعية أفراد المجتمع بكيفية التحقق مما يصلهم وللحد من الإشاعات قامت وزارة الإعلام بإطلاق موقع حملة «تحقق» الإلكتروني لمكافحة الظاهرة عن طريق توعية الناس، كما استعانت الحكومة بتطبيق «شلونك» لإجلاء المواطنين العالقين بالخارج كوسيلة للتحقق من البيانات ودخول الطائرة.
ولفت إلى أنه في مجال التبرعات والحملات التطوعية والأعمال الخيرية قامت الكويت بالتبرع بمبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية استفادت منه كل من العراق وإيران وفلسطين والصين، كما قامت أيضا بالتبرع بأجهزة طبية لليمن.
من جانبه، قال مدير إدارة الصحة العامة د.محمد السعيدان لـ «كونا» ان «جائحة كورونا هي الجائحة الأولى من نوعها في التاريخ التي استخدمت فيها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على مثل هذا النطاق الواسع لإحاطة الناس وإعلامهم والحفاظ على سلامتهم وإنتاجيتهم والتواصل فيما بينهم».
وذكر السعيدان انه في المقابل «فإن التكنولوجيا التي نعتمد عليها حاليا للتواصل والاطلاع تفسح المجال (لوباء معلوماتي) ضخم يتضمن محاولات متعمدة لنشر معلومات خاطئة بهدف تقويض الاستجابة في مجال الصحة العامة وعرقلة جهود الاستجابة العالمية وتهديد التدابير المتخذة لمكافحة الجائحة».
وبين «ان هذه المعلومات الخاطئة والمضللة من شأنها أن تؤدي إلى الحاق الضرر بصحة الناس الجسدية والنفسية واستفحال ممارسات الوصم وتهديد المكاسب الصحية الثمينة وتشجيع عدم التقيد بتدابير الصحة العامة مما يحد بالتالي من فعاليتها ويهدد قدرة البلدان على وقف مسار الجائحة».
وقال ان الكويت أيقنت ان المعلومات المضللة تفرط بالأرواح وأن نقص الثقة والافتقار إلى المعلومات الصحيحة تجعل الناس يترددون في الاستفادة من اختبارات التشخيص، وبذلك تضيع أهداف حملات التحصين ويستمر الفيروس في الانتشار.
ولفت إلى أن الكويت كثفت جهودها الإعلامية للحد من انتشار المعلومات المضللة بتكاتف جهود اللجنة الوطنية لكورونا ووزارات الدولة المعنية وجمعيات النفع العام من خلال نشر المعلومات الصحيحة عن المرض والتطعيم.
وحول كيفية إدارة «الوباء المعلوماتي» بشأن الفيروسات، قال السعيدان إن الكويت تقر بأهمية مواجهة «الوباء المعلوماتي» كجزء أساسي في جهود السيطرة على جائحة «كوفيد-19»، وذلك بإتاحة محتوى موثوق واتخاذ تدابير لدحض المعلومات المضللة والخاطئة وتسخير التكنولوجيا الرقمية في شتى جوانب الاستجابة.
وأشار إلى ان الكويت تصدت للمعلومات الخاطئة والمضللة في الفضاء الرقمي والتصدي للأنشطة الإلكترونية الضارة التي تقوض الاستجابة الصحية للجائحة ودعم إتاحة البيانات العلمية الدقيقة للجمهور من خلال وسائل الإعلام ونشرات التوعية والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية.
بدوره، قال رئيس قسم مكافحة الأمراض المعدية د.حمد بستكي لـ «كونا» إن ذلك «سيكون عبر التحديث المستمر لخطة الطوارئ لمجابهة انتشار الأمراض المعدية وتطوير وتحديث فرق للتأهب والاستجابة لطوارئ الصحة العامة».
وأفاد بستكي بأن الوزارة حرصت على الاستمرار في تطوير وتحديث خطة الطوارئ لمواجهة الأوبئة وتفشي الأوبئة طبقا لمستجدات الأوضاع.
وأوضح انه تم تجهيز دليل لكل العاملين الصحيين في مجال الصحة العامة والمجالات الصحية الأخرى حتى يتسنى لهم الوقوف على العناصر اللازمة وعلى نحو منهجي من أجل التوصل إلى درجة قصوى من الاستعداد للتصدي لأي مرض طارئ يهدد الصحة العامة.
وقـال إن الـتـخـطـيـط والاستعداد الجيد للمواجهة بما في ذلك وضع وإقرار خطط طوارئ خاصة فيما يتعلق بالصحة العامة والأمراض المعدية يفسح المجال لتقديم كل ما يلزم من المساعدة ويتيح اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة تؤدي في نهاية المطاف إلى تجاوز الأزمات والكوارث الصحية بأقل ما يمكن من الخسائر.