في تنفيذ لاتفاق إسطنبول الذي يمهد الطريق لأوكرانيا، إحدى أهم سلال الخبز في العالم، لتصدير 22 مليون طن من الحبوب والسلع الزراعية الأخرى التي كانت عالقة في موانئ البحر الأسود بسبب الغزو الروسي، غادرت أول سفينة ميناء أوديسا إلى إسطنبول، حيث سيتم تفتيشها قبل السماح لها بالتوجه إلى لبنان، وعلى متنها 26 ألف طن من الذرة.
في توافق نادر بين موسكو وكييف، وفي خطوة يتوقع أن تساعد في التخفيف من أزمة الغذاء العالمية التي ساهم فيها ارتفاع الأسعار في بعض أفقر دول العالم في ظلّ إغلاق الموانئ الأوكرانية بسبب الحرب مع روسيا، استأنفت كييف، أمس، صادرات الحبوب للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي قبل 6 أشهر، مع إبحار أول سفينة من ميناء أوديسا في جنوب البلاد.
وأكد وزير الخارجية الأوكراني ديميتري كوليبا، أمس، «إنه يوم انفراج بالنسبة للعالم، خصوصاً بالنسبة لأصدقائنا في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، بينما تغادر الحبوب الأوكرانية الأولى أوديسا بعد أشهر من الحصار الروسي». أضاف: «لطالما كانت أوكرانيا شريكاً يمكن الاعتماد عليه وستبقى كذلك إذا احترمت روسيا التزاماتها في الاتفاق».
كما أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إنه «بالنسبة لمغادرة أول سفينة، فهذا إيجابي جداً. وفرصة جيدة لاختبار فاعلية الآليات التي تم الاتفاق عليها خلال المحادثات في إسطنبول».
يأتي ذلك، بعدما انطلقت أول سفينة تحمل حبوباً أوكرانية من ميناء أوديسا بموجب اتفاق بوساطة دولية.
ومن المأمول أن يطلق الاتفاق مخزونات كبيرة من المحاصيل الأوكرانية للأسواق الخارجية، ثم تخفيف أزمة الجوع المتزايدة.
من جانبها، أفادت الوزارة الدفاع التركية بأن سفينة الشحن «رازوني» التي ترفع علم سيراليون والمحملة بالذرة، غادرت أوديسا إلى لبنان، فيما ذكر بيان صادر عن الأمم المتحدة أن السفينة تحمل أكثر من 26 ألف طن من الذرة.
ومن المتوقع أن تصل السفينة إلى إسطنبول اليوم، حيث سيتم تفتيشها قبل السماح لها بالتوجه إلى لبنان، حسبما أفادت وزارة الدفاع التركية، التي أشارت إلى أن نحو 26 سفينة أخرى ستغادر أيضاً موانئ أوكرانيا عبر الممرات الآمنة تماشياً مع الاتفاقات الموقعة في إسطنبول في 22 يوليو بين روسيا وأوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة.
وفي ردود الفعل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله أن يحقق استئناف صادرات الحبوب «الاستقرار والمساعدة الضروريَين للأمن الغذائي العالمي».
أما الاتحاد الأوروبي، فدعا إلى «التنفيذ الكامل» لاتفاق إسطنبول، في حين شكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ تركيا لـ»دورها المحوري في اتمام الاتفاق» ودعا بدوره إلى تطبيق كامل للاتفاق.
الوضع الميداني
ومع استمرار الحرب وتحقيق روسيا تقدماً متقطعاً، يتواصل القصف الروسي على المدن الأوكرانية خصوصاً ميكولايف في الجنوب، حيث قُتل أحد أهم رجال الأعمال الزراعيين أوليكسي فاداتورسكي (74 عاماً) مع زوجته أمس الأول. وأشاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بفاداتورسكي، الذي وصفه بأنه «بطل أوكراني».
وتقع ميكولايف على مقربة من جبهة جنوب أوكرانيا حيث تشنّ القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً.
في هذه الأثناء، حدّد نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين ملامح خطة لإعمار مدينة ماريوبول الساحلية التي تعرّضت لحصار مدمّر وقصف عنيف قبل أن تسيطر عليها القوات الروسية.
عقوبات جديدة
وبينما فرضت نيوزيلندا عقوبات على الفروع والأذرع المستقلة للقوات المسلحة الروسية، بما في ذلك الدعم اللوجستي وكذلك الكيانات الدفاعية المسؤولة عن توفير الأسلحة والمعدات للجيش، على خلفية الحرب في أوكرانيا، قال رئيس قسم الاستخبارات والتصدي للعمليات المالية السرية بوزارة المالية الفرنسية Tracfin، غيوم فاليت فالا، إن بلاده جمدت أصولاً روسية بقيمة 1.2 مليار يورو. وأشار إلى أن ذلك لا يشمل أصول البنك المركزي الروسي التي تم تجميدها قبل ذلك وبلغت 22 مليار يورو.
«معاهدة ستارت»
على صعيد آخر، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن استعداد إدارته للتفاوض «على وجه السرعة» مع روسيا بشأن إطار للحد من الأسلحة الاستراتيجية ليحل محل «معاهدة ستارت» الجديدة التي تنتهي صلاحيتها في 2026.
وفي مؤتمر المراجعة العاشرة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، قال بايدن، أمس، «دائماً استندت صحة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى حدود متبادلة وذات مغزى للأسلحة بين الولايات المتحدة وروسيا. وحتى في ذروة الحرب الباردة، تمكنت الولايات المتحدة وروسيا من العمل معاً لدعم مسؤوليتنا المشتركة لضمان الاستقرار الاستراتيجي، لكن التفاوض يتطلب شريكاً راغباً يعمل بحسن نية»، داعياً روسيا لأن «تثبت استعدادها لاستئناف العمل بشأن الحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة».
كما قال: «والصين، بصفتها دولة حائزة للأسلحة النووية في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وعضواً في مجموعة الدول الخمس، تقع على عاتقها أيضاً مسؤولية المشاركة في محادثات من شأنها أن تقلل من مخاطر سوء التقدير وتعالج الديناميكيات العسكرية المزعزعة للاستقرار».
سلة المهملات
في المقابل، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع حول تطوير مجمّع المعادن، إن الدول الغربية، التي فرضت عقوبات على بلاده، ألقت بمبادئ منظمة التجارة العالمية في سلة المهملات.
وقال: «لم يأخذ الغرب في الحسبان العواقب المحتملة، بما في ذلك زيادة تكلفة مواد البناء في السوق العالمية وتحفيز التضخم العالمي بشكل عام».
وأضاف: «ستكون روسيا دائماً مورداً موثوقاً به ومسؤولاً للمنتجات المعدنية للمشترين والشركاء الأجانب، بغض النظر عن أي مشاكل سياسية اليوم».