ذكرت وكالة ««بلومبيرغ» الإخبارية، نقلا عن موقع معهد صناديق الثروة السيادية العالمي، أن الهيئة العامة للاستثمار تحتل المرتبة الثانية بين الصناديق السيادية الخليجية من حيث حجم الأصول المدارة، والبالغة 769 مليار دولار، حيث تأتي بعد جهاز أبوظبي للاستثمار الذي يتربع على قائمة الصناديق السيادية الخليجية بأصول مدارة قيمتها 829 مليار دولار.
بينما يأتي صندوق الاستثمارات العامة السعودي بالمركز الثالث بأصول مدارة تبلغ 620 مليار دولار، ويليه رابعا جهاز قطر للاستثمار بأصول قدرها 445 مليار دولار، ثم تأتي مؤسسة دبي للاستثمار خامسا بـ 300 مليار دولار، ثم صندوق مبادلة الإماراتي سادسا بقيمة 284 مليار دولار، وأخيرا في المركز السابع صندوق القابضة أبوظبي بقيمة 108 مليارات دولار.
وقالت الوكالة في رصد لتوجهات الصناديق السيادية الخليجية في الآونة الأخيرة، إنها تنفق أموالا بأرقام قياسية في صفقات عالمية في وقت تعاني فيه الأسواق العالمية من جفاف السيولة، وساقت الوكالة أمثلة على هذه الاستثمارات الخليجية التي تأتي في الظروف المالية العالمية الصعبة، حيث قالت إن كلا من صندوق مبادلة الإماراتي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي على سبيل المثال وغيرهما قادرون على انتقاء الأصول الاستثمارية في العالم، إذ تمثل الجولة الأخيرة من الاستثمارات تطورا مهما على هذا الصعيد.
وأضافت الوكالة أنه عندما تبخرت السيولة من الأسواق العالمية في عام 2008، تدخلت أغنى دول الخليج لاستغلال الفرصة في كل شيء بدءا من شراء الحصص في البنوك الغربية مثل سيتي غروب إلى النوادي الرياضية ومنها نادي مانشستر سيتي لكرة القدم ومحلات هارودز، وها هي تعاود الكرة مرة أخرى.
وعزت «بلومبيرغ» هذا الاندفاع الى تدفق السيولة النقدية نتيجة طفرة في أسعار النفط وقالت إن أكبر الصناديق السيادية في المنطقة – التي تدير أصولا تتجاوز 3 تريليونات دولار – تضخ مليارات الدولارات في الصفقات العالمية، وتلعب دور مقرضي الملاذ الأخير للشركات الباحثة عن التمويلات في أسواق مالية متقلبة.
وخلال فترة تجاوزت 10 سنوات منذ الأزمة المالية لعام 2008، كان المال الرخيص وسهولة الحصول على التمويل من خلال استقطاب مجموعة من المستثمرين يعني أن الشركات لم تكن بحاجة حقا إلى اللجوء إلى الأسواق المالية الخليجية للاقتراض. ولكن مع بدء نضوب مصادر التمويل هذه، يجري خطب ود الدول الغنية بالنفط في المنطقة والتقرب منها مرة أخرى، ما يمنح الأخيرة فرصة لاختيار الأصول الاستثمارية بالإضافة إلى تسريع تنفيذ الإستراتيجية الرامية للتخلص من الاعتماد على الذهب الأسود.
ويبحث المصرفيون من نيويورك إلى لندن وسنغافورة عن أموال خليجية لصفقات كبيرة حول العالم، ويقوم بنك استثماري في الولايات المتحدة باستدراج أحد أكبر مديري الأموال في المنطقة للاستثمار في صفقة بقيمة 20 مليار دولار، حسبما نقلته الوكالة عن مصدر مطلع على الموضوع.
ونسبت الوكالة الى مسؤول تنفيذي كبير في واحدة من أكبر شركات الاستثمار في العالم إن المزيد من الأموال القادمة من الشرق الأوسط تتدفق إلى السوق أكثر مما كانت عليه منذ فترة.
وقد شاركت أكبر صناديق الثروة السيادية في المنطقة في عمليات استحواذ بقيمة 28.6 مليار دولار على الأقل خارج منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا هذا العام، وفقا للبيانات التي جمعتها «بلومبيرغ»، وهو ما يزيد بنسبة 45% مقارنة بما تم إنجازه حتى هذا الوقت من عام 2021 والأعلى في أي فترة مماثلة موثقة.
وقالت المجلة إن خزائن الصناديق السيادية الخليجية فائضة بالأموال السائلة، حيث تتجاوز أصول الكبرى منها 3 تريليونات دولار، فضلا عن كونها بالغة التطور، ففي الأشهر القليلة الماضية فقط، شاركت الصناديق الخليجية في محادثات للاستحواذ على كل شيء بدءا من مجموعة Fortress Investment Group ومقرها نيويورك إلى حصص في شركة Klarna، عملاق الشراء بالدفع الآجل، وشركة صناعة السيارات البريطانية استون مارتن.
وعلى الرغم من ماضي هذه الصناديق في اقتناص الفرص الجذابة في أوقات التقلبات وانخفاض التقييمات، إلا أن الفارق الرئيسي هذه المرة هو التحول نحو قطاعات مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية.
إنهم يدعمون شركات الملكية الخاصة، ويستفيدون من العلاقات مع الكيانات الكبيرة للقيام بمزيد من الصفقات المباشرة.
وفي تعقيبه على هذا الموضوع، قال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا للاستشارات السياسية للمخاطر أيهم كامل: «أصبحت صناديق الثروة السيادية في الخليج أكثر تطورا في إستراتيجيتها الاستثمارية وتحتفظ بعلاقات عالمية واسعة».
كما أن ظروف السوق العالمية الحالية تدعم صعود صناديق الثروة السيادية الخليجية حيث يمكن تشغيل فوائضها النفطية بسرعة، وتساعد الصفقات في التنويع بعيدا عن النفط على المدى الطويل، كما تعمل على تطوير مصدر دخل دولي بديل».
وكانت الصناديق الخليجية في دائرة الضوء في عام 2008 عندما تدخلت الصناديق في قطر وأبوظبي والكويت لاستثمار المليارات في البنوك بما في ذلك بنك باركليز وكريدي سويس ومجموعة سيتي، ولكن هذه الجولة الأخيرة من الاستثمارات تمثل تطورا مهما، وفقا لمسؤول في جامعة كابابي، الذي علق قائلا: لقد قطعت صناديق الثروة السيادية رحلتها من شراكات محدودة في المرحلة الأولى لتصبح من المستثمرين المشاركين في المرحلة الثانية، ثم لتتولى في هذه المرحلة توجيه المستثمرين في المستوى الثالث.