«قمة طهران» تقوِّي موقف بوتين في المنطقة
أطلق الرئيس بوتين وعوداً بالاستقرار والازدهار الإقليمي بمستهل زيارته لطهران، التي وصل إليها أمس، لحضور قمة ثلاثية جمعته بنظيريه الإيراني والتركي، في حين تمسكت إيران بحقها في تصدير العتاد والأسلحة بالتزامن مع تهديد واشنطن بمعاقبتها؛ إذا سلمت مسيرات عسكرية لموسكو.
عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة ثلاثية مع نظيريه الإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب إردوغان، في طهران أمس، في أول زيارة له الى خارج دول الاتحاد السوفياتي السابق منذ غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، تمحورت حول النزاع في سورية وتداعيات الحرب بأوكرانيا وعدد من الملفات الدولية في مقدمتها إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وفيما بدا إنه بداية لحراك روسي إقليمي موسع يشمل سورية وربما الجزائر التي تستقبل القمة العربية المقبلة، كشف نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن بوتين سيتواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد وعدد من زعماء المنطقة بعد زيارته إلى إيران، التي وصفت بأنها رد على جولة الرئيس الأميركي جو بايدن الإقليمية.
وأكد بوتين خلال استقبال رئيسي له، في قصر سعد آباد، أن زيارته إلى طهران ستكون مثمرة على صعيد الأمن والاستقرار في المنطقة، قبل أن يجتمع بالمرشد الأعلى علي خامنئي ويحضر القمة الثلاثية لـ «مسار أستانا» بشأن الأزمة السورية.
وجاء وصول بوتين، بعيد تكرار إسرائيل التهديد باللجوء للخيار العسكري لوقف البرنامج النووي الإيراني في ظل فشل المسار الدبلوماسي.
تأكيد وتهديد
في غضون ذلك، تمسك قائد القوات البرية بالجيش الإيراني كيومرث حيدري بحق طهران في تصدير عتاد عسكري وأسلحة بعد رفع العقوبات التي فرضت عليها بموجب بند في الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال حيدري بعد أسبوع من اتهام الولايات المتحدة إيران بتحضير مئات من الطائرات المسيرة العسكرية لإمداد موسكو بها «في الوقت الراهن نحن مستعدون لتصدير عتاد عسكري وأسلحة».
وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن وحلفاءها سيفرضون عقوبات جديدة على طهران «إن سلّمت طائرات مسيّرة لروسيا»، فيما كذّبت إيران أنباء صفقة المسيّرات جملة وتفصيلا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس: «لقد أعربنا عن مخاوفنا حيال تقديم تكنولوجيا الطائرات المسيرة من إيران لروسيا، وسنواصل مراقبة الوضع».
وأضاف: «كل عقوباتنا على طهران لا تزال سارية، وأي عملية من هذا النوع ستؤدي إلى عقوبات جديدة قد تنضم إليها دول أخرى في العالم». وفي وقت سابق، قالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إن «إيران تخطط لنقل بضع مئات من الطائرات بدون طيار إلى روسيا، بينها قتالية» لاستخدامها في القتال بأوكرانيا.
بوريل وعبداللهيان
وناقش المسؤولون الإيرانيون مع الضيف الروسي بشكل معمق الجهود الدولية لإحياء الاتفاق النووي، في ظل سعي طهران للحصول على أكبر قدر من الدعم الروسي لتعزيز موقفها المتصلب بعد تعثر مباحثاتها غير المباشرة مع واشنطن، دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان البيت الأبيض إلى «التخلي عن أطماعه وشكوكه والتحلي برؤية واقعية لإيجاد حل والتوصل إلى تفاهم» لإعادة القيود على برنامج الجمهورية الإسلامية الذري مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وقال عبداللهيان خلال اتصال هاتفي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ليل الاثنين ـ الثلاثاء: «إنه لا شك في إرادة إيران للتوصل إلى اتفاق جيد وقوي ومستديم».
وطالب واشنطن بالتوقف عن «تكرار النهج غير الفعال والسلوك غير البناء وعدم اللجوء إلى الضغط وفرض العقوبات لتحقیق أغراضها».
وأعرب عن امتنانه للجهود المتواصلة التي يبذلها بوريل والمنسق الأوروبي للمفاوضات إنريكي مورا، للتوصل إلى اتفاق نووي. ونقلت الوكالة الإيرانية الرسمية عن بوريل استعداده لتسهيل وتسريع عملية التفاوض حول الاتفاق النووي، لكنها لم تحدد موعداً لانعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات بعد فشل جولة محادثات عقدت في الدوحة أخيراً وسط تبادل للاتهامات بين طهران وواشنطن.
كما جدد عبداللهيان، نفي بلاده صحة الاتهامات الأميركية بشأن تزويد موسكو بـ»درون عسكرية»، ووصف الأنباء التي أكدها مصدر مطلع لـ «الجريدة»، في وقت سابق، بأنها «عارية من الصحة».
أزمة الحبوب
وفي الشق التركي الروسي، سعى إردوغان للحصول على موافقة، ولو ضمنية، من بوتين خلال لقاء ثنائي بينهما على هامش القمة، لشن الهجوم الذي تعارضه موسكو وطهران ضد الأكراد بشمال سورية، ساد ترقب غربي لما سيسفر عنه اللقاء بين الزعيم التركي الذي تعد بلاده من أبرز دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» بشأن بحث آليات تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في الموانئ لتفادي أزمة غذائية عالمية. وتهدف الاتفاقية التي تم التفاوض عليها من خلال الأمم المتحدة إلى إخراج نحو 20 مليون طن من الحبوب المحجوزة في الصوامع الأوكرانية عبر البحر الأسود بسبب الهجوم الروسي.
وتسبب وقف تصدير الحبوب إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة بسبب العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو رداً على الغزو.
السفير الإماراتي
إلى ذلك، أكدت مصادر إيرانية مطلعة أن هناك تحركاً نحو تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وأبوظبي بعد ست سنوات من توتر العلاقات.
وأفادت المصادر، أمس، بأن طهران تنتظر «دعوة رسمية» من الإمارات لكي يقوم الرئيس إبراهيم رئيسي بزيارة إلى أبوظبي لتعزيز العلاقات في ظل عدم وجود سفراء لدى الطرفين. ويأتي ذلك بعد تصريح مستشار الشؤون الدبلوماسية للرئيس الإماراتي أنور قرقاش، بأبوظبي بصدد إرسال سفير إلى طهران.
سباق إيراني – خليجي على «الربط» مع بغداد
بعد 4 أيام من إبرام هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون مذكرة للربط الكهربائي مع بغداد خلال «قمة جدة» أعلن وزير الطاقة الإيراني علي أكبر محرابيان، أمس، توقيع أول عقد كهرباء طويل الأمد مع العراق، دون الكشف عن مدته.
وقال محرابيان، إن «التحرك نحو إبرام عقود استراتيجية طويلة الأجل في قطاع الكهرباء هو أحد محاور الدبلوماسية الإقليمية الديناميكية للحكومة».
وأضاف أن «أكبر قدرة إنتاج وتوزيع للكهرباء بين دول غرب آسيا توجد في إيران، رغم التباطؤ في تطوير صناعة الكهرباء في السنوات الماضية».
ووقعت هيئة الربط الكهربائي لدول «الخليجي»، مع وزارة الكهرباء العراقية، عقداً للربط الكهربائي، على هامش قمة جدة للأمن والتنمية التي استضافتها السعودية الأسبوع الماضي، في خطوة تسعى الولايات المتحدة لدعمها من أجل تقليل اعتماد بغداد على إمدادات الطاقة الإيرانية لحرمان طهران من استخدامها كورقة ضغط على الحكومات العراقية.
ويشمل العقد إنشاء خطوط ربط كهربائي من المحطة التابعة للهيئة بالكويت إلى محطة الفاو الواقعة بجنوب جمهورية العراق، لإمداد جنوب العراق بنحو 500 ميغاواط من الطاقة من دول مجلس التعاون عن طريق شبكة الربط الكهربائي الخليجية.
من جهته، كشف وزير الكهرباء العراقي عادل كريم، أمس الأول، أن طول خط الربط الكهربائي مع السعودية يبلغ 300 كيلومتر، مشيراً إلى أن «الربط الكهربائي مع دول الخليج لن يحل 5 في المئة من مشاكل العراق في مجال الطاقة».