مدريد – تستضيف إسبانيا بعد غد الثلاثاء قمة تاريخية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) سيتمخض عنها المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلفاء للعقد المقبل ورؤية الحلف إزاء علاقاته المستقبلية مع روسيا وكيفية دعم الدول المجاورة لها.
وتأتي القمة التي تعقد في الفترة من 28 الى 30 يونيو الجاري في لحظة حاسمة للحلف الذي أسس عام 1949 وذلك في ضوء الحرب بأوكرانيا والانضمام المحتمل للسويد وفنلندا إليه على خلفية التصعيد غير المسبوق من حدة التوترات بين روسيا والغرب في ظل مواصلة موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا ومواصلة تقديم حلف (ناتو) دعما عسكريا لحكومة كييف.
وسيحضر القمة 44 وفدا دوليا منها 41 على مستوى رؤساء الدول والحكومات يرافقهم وزراء الدفاع والخارجية بينهم رؤساء الدول الحلفاء ال 30 وقادة أربع دول في الاتحاد الأوروبي غير الحليفة هي قبرص ومالطا والنمسا وإيرلندا إلى جانب فنلندا والسويد والشركاء الأربعة للحلف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وهم أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية وكذلك البوسنة والهرسك.
كما سيشارك في القمة الأردن وموريتانيا لبحث التهديدات الأمنية التي تطل من الجانب الجنوبي في القارة الإفريقية ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل وضيوف اخرون محتملون.
ووجهت أيضا دعوة رسمية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي غير انه من المرجح ان يشارك عبر الفيديو لصعوبة مغادرة البلاد في ضوء الظروف الراهنة.
ومن المتوقع بشكل إجمالي حضور أكثر من 5000 شخص بما في ذلك الوفود وأعضاء المنظمة والصحفيين (1200 إلى 1500 صحفي).
وأعلن اختيار العاصمة الإسبانية لاحتضان القمة الأطلسية في العام الماضي حيث أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ذلك في مؤتمر صحفي في مدريد في شهر أكتوبر من العام الماضي وأشار حينها ستولتنبرغ إلى ان القمة ستعقد في “لحظة تاريخية للمنظمة ” ثم أكدت الأحداث اللاحقة أهميتها.
ومن بين القضايا الأساسية التي ستطرحها القمة ال 32 للمنظمة “مناقشة المخاوف الأمنية الأكثر الحاحا مع التركيز على الحرب في أوكرانيا” إلى جانب “دعم المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو فيما ستتناول أيضا قضية الصين وعلاقاتها مع روسيا والتهديدات الأمنية في افريقيا مع تزايد النفوذ الروسي فيها”.
وسيقيم الملك الإسباني فيليبي السادس وعقيلته الملكة ليتيسيا عشية القمة في 28 يونيو مأدبة عشاء في القصر الملكي سيدعى إليها رؤساء دول وحكومات جميع الدول المشاركة فيما سيقيم الزعيم الاسباني سانشيز في الأمسية التالية مأدبة عشاء لهم في متحف (ال برادو).
ونظمت إسبانيا في 30 مايو الماضي احتفالا بالذكرى السنوية ال 40 لانضمامها إلى الحلف (في 30 مايو 1982) ترأسه ستولتنبرغ ورئيس الوزراء الاسباني والملك الإسباني بحضور أكثر من 300 ضيف بينهم الأمناء السابقون للحلف خافيير سولانا والدنماركي أندرس فوغ راسموسن والهولندي ياب دي هوب شيفر ورؤساء الوزراء السابقون في إسبانيا وكذلك أعضاء المجلس الأطلسي وسفراء الدول ال 30 الحليفة لدى إسبانيا.
وهذه هي المرة الثانية التي تكون فيها العاصمة الاسبانية مسرحا لقمة الحلف الأطلسي حيث استضافت في عام 1997 قمة توجت بقرار دعوة جمهوريات التشيك والمجر وبولندا لبدء محادثات الانضمام.
وستسعى السلطات الاسبانية خلال القمة للترويج لإسبانيا بصفتها دولة حديثة وجذابة ومستدامة بمستقبل واعد.
وستعقد القمة في مدينة المعارض في مدريد (إيفيما) على مساحة تزيد على 50 ألف متر مربع وسط انتشار أمني “غير مسبوق” هو “الأكبر” في تاريخ البلاد على حد تعبير وزير الداخلية الإسباني فرناندو غرانديمارلاسكا حيث سيتم نشر أكثر من 10 آلاف عنصر أمن في العاصمة ومدفعية مضادة للطائرات وطائرات تابعة ل (الناتو) وطائرات مقاتلة لحماية المجال الجوي خلال فترة انعقاد القمة وفق ما أكدته وزيرة الدفاع الاسبانية مارغاريتا روبليس.
وستفرض قيود كبيرة على التنقل في العاصمة مع تعديلات في مسار وسائل النقل العام خلال أيام القمة حيث حذر عمدة المدينة خوسيه لويس مارتينيز من انه سيكون من الصعب للغاية التنقل في المدينة” داعيا إلى “التسلح بالكثير من الصبر في تلك الأيام”.
ومن المتوقع ان يتعهد الإسباني سانشيز خلال القمة بمضاعفة انفاق اسبانيا العسكري إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد بنهاية العقد الجاري ارتفاعا من 03ر1 في المئة في الوقت الراهن.
وتصف الحكومة الإسبانية القمة ب “التاريخية” والأكثر “أهمية” في العقد الماضي وتعدها اعترافا بدورها البارز في الحلف فيما تؤكد ان الاستثمار في الدفاع هو الاستثمار في السلام والحرية والقيم الديمقراطية.